القاهرة، مصر – تستضيف مدينة شرم الشيخ جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة حماس. يتم ذلك برعاية مصرية قطرية أمريكية، ضمن خطة السلام التي تروج لها واشنطن لإنهاء الحرب المشتعلة في غزة منذ ما يقرب من عام.
الاجتماعات تُعقد وسط إجراءات أمنية مشددة وأجواء من الحذر. تسعى القاهرة إلى تثبيت وقف إطلاق النار وفتح مسار سياسي يضمن تهدئة طويلة الأمد. يتم ذلك في وقت تتبادل فيه الأطراف الاتهامات بعدم الجدية.
مصر تمسك بالخيوط وترامب يراقب من بعيد
تؤدي القاهرة دور الضامن والوسيط بين الطرفين. فيما تعتبر واشنطن أن نجاح هذه الجولة سيكون اختبارًا حقيقيًا لخطة ترامب. هذه الخطة تتضمن نحو عشرين بندًا تشمل وقف إطلاق النار، انسحاب القوات الإسرائيلية، تبادل الأسرى، وإعادة إعمار القطاع.
وتشير تقارير إلى أن الرئيس الأمريكي أجرى اتصالًا مباشرًا مع القيادة المصرية لتشجيع استمرار الحوار. وقد أكد أهمية الدور المصري في تحقيق الاستقرار الإقليمي.
جدول مزدحم وضغوط زمنية
الوفد الإسرائيلي برئاسة رون ديرمر وزير الشؤون الاستراتيجية وصل إلى مصر صباح اليوم، فيما ترأس خليل الحية وفد حركة حماس.
وبحسب مصادر دبلوماسية، من المتوقع أن تمتد المحادثات عدة أيام. يكون ذلك مع جدول مكثف يشمل مناقشة القضايا الخلافية وعلى رأسها وقف إطلاق النار الدائم، الانسحاب المرحلي، وتبادل الأسرى.
الخطة الأمريكية حددت مهلة أسبوع لإنجاز المرحلة الأولى، وهو ما يفرض إيقاعًا متسارعًا وضغوطًا على الوسطاء لإنجاح الجولة.
حماس: لا لتسليم السلاح.. نعم لتبادل الأسرى
أكدت حركة حماس أن المفاوضات لا تعني القبول بنزع السلاح أو التنازل عن المقاومة. وقد نفت ما تردد عن استعدادها لتسليم أسلحتها.
المطالب الرئيسية للحركة تتمثل في وقف العدوان فورًا وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة. كما تشمل الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، وعلى رأسهم مروان البرغوثي.
في المقابل، تصر إسرائيل على الإفراج الكامل عن جميع المحتجزين قبل أي خطوة أخرى. كما ترفض إشراك السلطة الفلسطينية في إدارة القطاع بعد الحرب.
خلافات معقدة ومشهد ضبابي
رغم انطلاق المفاوضات، تواصل الطائرات الإسرائيلية قصف مواقع في غزة، ما يهدد بتقويض جهود الوساطة.
الخلافات تتركز حول آلية إدارة القطاع بعد الحرب ومسألة نزع السلاح، التي تصر عليها تل أبيب وترفضها حماس رفضًا قاطعًا.
وبين الموقفين، تحاول مصر وقطر كسر الجمود. تقومان بطرح صيغة مؤقتة تتيح تنفيذ بنود إنسانية عاجلة بالتوازي مع استمرار التفاوض السياسي.
تحليل ختامي
تبدو مفاوضات شرم الشيخ هذه المرة أكثر حساسية من أي جولة سابقة. ذلك لأن الحسابات السياسية تتداخل مع التوازنات الأمنية والإقليمية.
ورغم ضبابية المشهد، فإن مجرد جلوس الأطراف على مائدة التفاوض يعكس إدراكًا متبادلًا بأن استمرار الحرب لم يعد خيارًا مقبولًا.
تسعى مصر لتثبيت وقف إطلاق النار وإعادة الثقة في المسار التفاوضي. بينما تتطلع واشنطن إلى تحقيق اختراق دبلوماسي يحفظ ماء وجهها في الشرق الأوسط.
لكن النجاح الحقيقي لن يتحقق إلا إذا تحولت هذه الجولة إلى بداية مسار شامل يعالج جذور الصراع. ينبغي أن لا تكون مجرد محطة جديدة في سلسلة محاولات التهدئة المؤقتة.