القاهرة، مصر – أشعل توقيع اتفاقية الدفاع المشترك بين السعودية وباكستان جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والإعلامية. فهي ليست مجرد تفاهم عابر، بل إعلان عن تحالف دفاعي صريح. يعتبر أي اعتداء على أي من البلدين بمثابة الاعتداء على الآخر.
جاء الاتفاق في توقيت مشحون، بعد الهجوم الإسرائيلي على الدوحة. كما تراجع الثقة الخليجية في الضمانات الأمريكية، ما جعله يُقرأ كخطوة سعودية نحو استقلالية القرار وتوسيع مظلة الحماية.
جذور العلاقة بين الرياض وإسلام آباد
لم يأتِ هذا التحالف من فراغ، فالروابط بين البلدين تمتد لعقود. فمنذ سبعينيات القرن الماضي استعانت المملكة بالخبرات العسكرية الباكستانية في تدريب طياريها وقواتها. كما لعبت إسلام آباد دوراً داعماً في حرب الخليج الأولى والثانية.
وتُعد السعودية أكبر داعم اقتصادي لباكستان، إذ ضخت استثمارات بمليارات الدولارات. وقدمت مساعدات في أوقات الأزمات الاقتصادية، مقابل تعاون عسكري وأمني مستمر عزّز الثقة المتبادلة.
رسائل سياسية تتجاوز الحدود
يرى مراقبون أن الاتفاقية تحمل رسائل أبعد من الدفاع المباشر. فهي إعلان عن بناء شراكة مع قوة نووية إسلامية، في مواجهة تهديدات إقليمية متزايدة. كما أنها تضع إسرائيل أمام معادلات جديدة، وتجعلها تفكر مرتين قبل أي مغامرة قد تستفز المنطقة.
وبحسب محللين، فإن الاتفاقية قد تكون نواة لتحالف أوسع يضم قوى إسلامية أخرى. يمهد ذلك الطريق لمظلة ردع إقليمية خارج الإطار الغربي التقليدي.
البعد الاقتصادي والآفاق المستقبلية
لا يقتصر التعاون على الدفاع فقط، بل يمتد إلى الاقتصاد والاستثمار. فالمملكة تستعد لزيادة استثماراتها في باكستان إلى أكثر من 25 مليار دولار، في مشاريع بنية تحتية وطاقة، وهو ما يجعل التحالف متشابكاً بين الأمن والمصالح الاقتصادية.
بهذا المعنى، تتحول الاتفاقية إلى ركيزة استراتيجية تعكس مزيج المصالح المشتركة والمصير الواحد.
تغيير قواعد اللعبة الإقليمية
من “صدمة الدوحة” إلى “تحالف إسلام آباد”، يبدو أن المنطقة على أعتاب مرحلة جديدة يعاد فيها رسم موازين القوى. لم تعد السعودية تراهن على مظلة واشنطن وحدها، بل اختارت تنويع تحالفاتها، لتقول إن أمنها لن يكون رهينة حليف واحد.
إنها لحظة فارقة قد تُؤرَّخ كبداية لتغير قواعد اللعبة في الخليج وجنوب آسيا، حيث يلتقي التاريخ بالواقع، والمصالح بالتحالفات.