تل أبيب ، إسرائيل – كشف تقرير جديد صادر عن مركز الأبحاث والمعلومات في الكنيست الإسرائيلي عن تفاقم ظاهرة هجرة المواطنين إلى الخارج. ويشير التقرير إلى أن إسرائيل تواجه أزمة ديموغرافية متصاعدة. هذا يحدث وسط غياب خطط حكومية واضحة لمواجهة ما وصفه أعضاء في الكنيست بـ”تسونامي الهجرة”.
وبحسب التقرير، الذي قُدم خلال جلسة لجنة الهجرة والاستيعاب، فإن عدد المغادرين من إسرائيل تجاوز عدد العائدين إليها بنحو 145,900 شخص بين عامي 2020 و2024. ويمثل هذا أعلى عجز في ميزان الهجرة منذ عقود.
هجرة متزايدة وعائدون أقل
يُظهر التقرير أن وتيرة الهجرة ارتفعت بشكل لافت منذ عام 2022، وبلغت ذروتها بعد اندلاع الحرب في أكتوبر 2023. فيما سجلت معدلات العودة من الخارج تراجعًا مستمرًا.
- بالأرقام:
في 2020: غادر 34,000 إسرائيلي، وعاد 32,500 فقط.
في 2021: غادر 43,400، وعاد 23,600.
في 2022: غادر 59,400 (زيادة بنسبة 44% عن العام السابق)، وعاد 29,600.
في 2023: غادر 82,800 (أعلى رقم منذ سنوات)، وعاد 24,200 فقط.
في 2024 (حتى أغسطس): غادر نحو 50,000، وعاد 12,100 فقط.
وتُظهر البيانات أن الفجوة السنوية بين المغادرين والعائدين تضاعفت تقريبًا في عام 2023. ووصلت إلى 58,600 شخص، في حين بلغت 36,900 حتى أغسطس 2024.
تل أبيب وحيفا تتصدران المدن المغادرة
بحسب التوزيع الجغرافي للمغادرين في عام 2024، جاءت تل أبيب–يافا في المرتبة الأولى بنسبة 14% من إجمالي المغادرين. تلتها حيفا (7.7%)، نتانيا (6.9%)، والقدس (6.3%).
أما المدن ذات المعدلات الأدنى للمغادرة فشملت هرتسليا (1.8%)، عسقلان (1.9%)، وبئر السبع (2.1%).
- الفئات العمرية: الشباب والعائلات في الطليعة
أظهرت الإحصاءات أن غالبية المغادرين هم من فئة الجيل العامل والعائلات الشابة. الأعمار بين 30–49 عامًا: 28,915 مغادرًا. الأطفال (0–19 عامًا) 22,183، والشباب (20–29 عامًا) 16,095، بحسب “واي نت العبري”.
فوق 50 عامًا: 15,581
كما أظهرت البيانات أن عدد الرجال المغادرين (42,605) تجاوز عدد النساء (40,169). هذا يعد مؤشرًا على مغادرة العائلات كاملة وليس الأفراد فقط.
أزمة بلا خطة حكومية
رئيس لجنة الهجرة والاستيعاب، النائب جلعاد كاريف، وصف الوضع بأنه “خطر استراتيجي حقيقي”. وقال: “ما نشهده لم يعد مجرد ظاهرة، بل تحول إلى تسونامي. كثير من الإسرائيليين لا يرون مستقبلهم هنا، والحكومة لا تملك رؤية ولا خطة لوقف هذا النزيف الديمغرافي”.
وأكد كاريف أن هذه الظاهرة ناتجة عن “تفكيك المجتمع من الداخل قبل الحرب. وإهمال الجبهة المدنية في السنوات الأخيرة”. كما حذر من عواقب كارثية على الاقتصاد، والبنية السكانية، والهوية الوطنية.
الأسباب: الحرب، الغلاء، فقدان الثقة
يرى مراقبون أن الهجرة المتزايدة ناتجة عن مجموعة من الأسباب المعقدة. من أبرزها الصدمة الجماعية بعد هجوم 7 أكتوبر 2023، والانقسام السياسي الحاد وتراجع الثقة بمؤسسات الدولة. كما تشمل الأسباب أزمة غلاء المعيشة وعدم الاستقرار الاقتصادي، وغياب أفق سياسي وأمني واضح للمستقبل.
تحذيرات من تأثير طويل المدى
يحذر خبراء في الديموغرافيا والهجرة من أن استمرار هذا الاتجاه قد يؤدي إلى تغيرات جذرية في تركيبة المجتمع الإسرائيلي خلال العقد المقبل. خصوصًا إذا استمرت هجرة الشباب والمهنيين، وتقلصت أعداد العائدين أو الوافدين الجدد.
ويطالب نواب في الكنيست وخبراء بضرورة تبني سياسات عاجلة لمعالجة الأسباب الجذرية للهجرة. كما يؤكدون على تعزيز الشعور بالأمان والانتماء، خاصة في المدن الكبرى التي تُظهر أعلى معدلات مغادرة.