القاهرة، مصر – تتجه أنظار العواصم العالمية هذا الشهر نحو قاعة مجلس الأمن في نيويورك. هذا لأنها تتولى روسيا الاتحادية رئاسة المجلس لشهر أكتوبر، في توقيت بالغ الحساسية يشهد تصاعدًا في التوترات الدولية. وهذه التوترات تشمل الحرب الأوكرانية إلى الملف الفلسطيني، مرورًا بالأزمات الليبية والسودانية واليمنية.
مجلس الأمن، الذي اعتمد برنامج عمله للشهر الجاري، سيكون ساحة اختبار جديدة للدبلوماسية الروسية. وتسعى روسيا عبر رئاستها إلى فرض أجندة “متعددة الأقطاب”. كما تسعى لإعادة صياغة خطاب الأمم المتحدة بما يخدم رؤيتها لنظام دولي جديد أكثر توازنًا.
حدثان رئيسيان بتوقيع لافروف:
روسيا رشحت تنظيم حدثين بارزين هذا الشهر:
الأول، جلسة مفتوحة في الذكرى الثمانين لإنشاء الأمم المتحدة تحت شعار “التطلع إلى المستقبل”. هذا عنوان لا يخلو من رمزية سياسية. تسعى موسكو لتذكير العالم بأنها من مؤسسي النظام الأممي، وأنها قادرة على قيادته نحو “نظام أكثر عدالة” — وفق تعبيرها.
الثاني، رفع مستوى مناقشة الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية، إلى المستوى الوزاري. سيترأس وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الجلسة بنفسه. هذه رسالة واضحة بأن موسكو عازمة على استعادة حضورها في الملف الفلسطيني. ربما تنافس أيضًا الدور الأمريكي التقليدي في هذا الشأن.
ملفات الشرق الأوسط على الطاولة:
برنامج مجلس الأمن في أكتوبر مزدحم بالملفات الساخنة:
ليبيا: من المقرر التصويت على تجديد ولاية بعثة الأمم المتحدة قبل نهايتها في 31 أكتوبر. هذا يتم وسط خلافات حول دور القوى الخارجية في الصراع الليبي.
اليمن: إحاطة مغلقة يقدمها المبعوث الأممي هانز جروندبرج، في ظل مؤشرات عن جمود العملية السياسية واستمرار الأزمة الإنسانية.
لبنان وسوريا: مناقشات مغلقة حول تقارير الأمم المتحدة بشأن انسحاب القوات الأجنبية وبسط سيطرة الدولة اللبنانية. هناك أيضًا إحاطة خاصة عن الوضع الإنساني والسياسي في سوريا.
السودان: جلسة خاصة بطلب من عدة دول أوروبية لمراجعة تدهور الأوضاع الإنسانية والسياسية في ظل استمرار الحرب الداخلية.
روسيا وأفريقيا.. شراكة تتعمق
كما يشمل برنامج الشهر اجتماعًا سنويًا مشتركًا بين مجلس الأمن ومجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي. يعقد هذا العام في أديس أبابا، وهو ملف توليه موسكو أهمية كبرى. هذا يأتي ضمن مساعيها لتعزيز نفوذها في القارة الإفريقية، خاصة بعد حضورها البارز في قمة روسيا-إفريقيا الأخيرة.
إشارات ورسائل روسية للعالم
يقرأ المراقبون رئاسة روسيا لهذا الشهر باعتبارها فرصة دبلوماسية لإظهار قدرتها على إدارة النظام الدولي رغم عزلتها الغربية. فلافروف سيحاول عبر اجتماعات الأمم المتحدة توجيه رسائل سياسية واضحة:
الأولى إلى الولايات المتحدة والغرب بأن موسكو مازالت لاعبًا رئيسيًا لا يمكن تجاوزه.
والثانية إلى الجنوب العالمي والدول النامية بأن روسيا تقف إلى جانبهم في مواجهة “الهيمنة الغربية”.
خلاصة المشهد
من نيويورك إلى أديس أبابا، ومن الشرق الأوسط إلى البحر الأسود، يبدو شهر أكتوبر مليئًا بالملفات المعقدة والمواجهات الدبلوماسية. تستخدم موسكو رئاستها لمجلس الأمن كمنصة لإعادة ترتيب أوراقها على المسرح الدولي، وإعادة تعريف دور الأمم المتحدة في عالم مضطرب.