انطلقت اليوم الثلاثاء في محكمة القصر العدلي بمدينة حلب أولى جلسات محاكمة مجموعة من المتهمين في أحداث العنف الدامي التي شهدتها منطقة الساحل السوري خلال شهر مارس الماضي،
في خطوة تعد اختبارا مباشرا لوعود الرئيس السوري أحمد الشرع بشأن فرض المساءلة
وملاحقة المتورطين في الجرائم التي أعقبت سقوط نظام بشار الأسد.
وتنظر المحكمة في قضية تُوصف بأنها الأبرز منذ انتهاء الحرب،
إذ تتعلق بموجة من إراقة الدماء قتل خلالها المئات من أبناء الأقلية العلوية على يد مقاتلين موالين للحكومة السابقة،
وهذا في الوقت الذي شهدت فيه مناطق أخرى هجمات مضادة استهدفت قوات موالية للأسد،
ما أدى إلى تصاعد غير مسبوق في مستوى العنف الطائفي.
التحقيق في الانتهاكات
ووفق مصادر قضائية، تضم المجموعة الأولى نحو 12 متهما،
موزعين بالتساوي بين أفراد يشتبه في مشاركتهم بهجمات على تجمعات علوية في الساحل،
وآخرين متهمين بشن اعتداءات على قوات حكومية من فصائل مسلحة موالية للرئيس السابق.
وتعد هذه المحاكمة أول خطوة رسمية من نوعها للتحقيق في الانتهاكات التي وقعت خلال الأشهر الانتقالية
والتي أعقبت سقوط النظام، وقد شهدت فراغا أمنيا واسعًا وفوضى في عدة محافظات.
وبحسب مراقبين، تسعى الحكومة الحالية من خلال هذه الإجراءات لإظهار التزامها بإرساء العدالة،
وقطع الطريق على أي اتهامات دولية بعدم اتخاذ خطوات جدية لمحاسبة الجناة.
إعادة بناء مؤسسات الدولة
كما تأتي المحاكمة ضمن مسار سياسي وقانوني يهدف إلى إعادة بناء مؤسسات الدولة
وتعزيز الثقة في النظام القضائي بعد سنوات من الصراع.
ويتوقع خبراء أن تستمر التحقيقات لفترة طويلة نظرًا لتعقيد الملف وتعدد الأطراف المتورطة،
إضافة إلى الحساسية الطائفية المرتبطة بالأحداث.
ويرى محللون أن نجاح هذه المحاكمة قد يشكل نقطة تحول في جهود المصالحة الوطنية
ومسار الاستقرار في سوريا خلال المرحلة المقبلة.


