إعلان

الناتو يلوّح بخيارات الردع النووي.. مناورات «ستيدفاست نون» تشعل سباق الرسائل مع موسكو

محمد القرضاوي
محمد القرضاوى
محمد القرضاوي، صحفي محترف وعضو نقابة الصحفيين المصريين، يتمتع بخبرة واسعة في تغطية ملفات الأمن القومي والتحقيقات الصحفية. يشغل منصب محرر شؤون الأمن القومي، ورئيس قسم...
- محمد القرضاوى
زمن القراءة بالدقائق: 3

أوروبا ، وكالات ، صوت الامارات ، مدحت الشيخ – في مشهد يُعيد أجواء الحر.ب الباردة إلى سماء أوروبا، أطلق حلف شمال الأطلسي “الناتو” مناوراته السنوية للردع النووي، المعروفة باسم «ستيدفاست نون»، من الأراضي الهولندية بمشاركة 14 دولة وأكثر من 60 طائرة عسكرية بين مقاتلات وقاذفات وطائرات دعم واستطلاع. في هذا السياق، الناتو يلوّح بخيارات الردع النووي.. مناورات «ستيدفاست نون» تشعل سباق الرسائل مع موسكو.

الهدف المعلن هو اختبار الجاهزية النووية للحلف، أما الهدف غير المعلن — كما يراه المراقبون — فهو توجيه رسالة حازمة إلى موسكو بأن الغرب ما زال يحتفظ بخيارات الردع القصوى، وأن “الزر النووي” في عواصم الناتو ليس مجرد شعار سياسي.

تدريب على الحرب.. لا إعلان لها

إعلان

الناتو شدد على أن التدريبات لا تشمل استخدام ذخائر نووية حقيقية، بل تحاكي سيناريوهات متعددة تشمل نقل الأسلحة التكتيكية، وتأمين القواعد الجوية، واتخاذ القرار الجماعي في حال وقوع تهديد نووي محتمل.

وتُجرى المناورات فوق أجواء هولندا وبريطانيا والبحر الشمالي، وهي مناطق اختيرت بعناية لتكون قريبة من أوروبا الشرقية، دون تجاوز الخطوط الحمراء مع روسيا. التوقيت بدوره ليس بريئاً، إذ يأتي في ظل تصاعد الحرب الأوكرانية وتزايد التوتر على حدود الناتو الشرقية.

ستولتنبرغ: الحلف لا يسعى للمواجهة

الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ حرص على طمأنة الرأي العام، مؤكداً أن التدريبات “دفاعية بحتة” وتهدف إلى منع الحرب لا إشعالها.
لكنه عاد ليقول بحزم إن الناتو “سيحمي كل شبر من أراضيه”، وإن أي محاولة لاختبار صلابته “ستُقابل برد فوري”.
كلمات ستولتنبرغ عكست توازناً دقيقاً بين التهدئة والتصعيد، بين لغة الطمأنة لحلفاء الشرق الأوروبي، والتحذير الصارم للكرملين.

الولايات المتحدة في الواجهة

الولايات المتحدة كانت كالعادة في قلب الحدث، إذ أرسلت قاذفاتها العملاقة B-52 من قواعدها عبر الأطلسي للمشاركة في التدريب، في عرض قوة يُعيد للأذهان أيام المواجهة النووية بين المعسكرين.

كما تشارك في المناورات كل من ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبلجيكا والنرويج وكندا، ضمن منظومة المشاركة النووية للحلف، ما يعكس وحدة الموقف الغربي في لحظة يسعى فيها الجميع لتأكيد أن الردع ما زال قائماً رغم تعقيدات الحرب الأوكرانية.

قلق روسي وتصعيد مرتقب

في المقابل، وصفت موسكو المناورات بأنها “استفزاز نووي مقنّع” يهدد الأمن الأوروبي.
وسائل إعلام روسية نقلت عن مصادر عسكرية أن وزارة الدفاع تدرس تنفيذ تدريبات نووية تكتيكية موازية، في رسالة مفادها أن الرد سيكون بالمثل، وأن الردع الروسي ما زال في الخدمة.

ويرى محللون أن هذا التوتر المتبادل يُعيد العالم إلى مناخ “الردع بالردع”، حيث تتحول المناورات إلى لغة تفاهم قاسية، والرسائل إلى سباق تسلح جديد لا يخلو من الخطر.

ما وراء المناورات

مناورة “ستيدفاست نون” لا تُقرأ في سياقها العسكري فحسب، بل كجزء من حرب الرسائل السياسية بين الشرق والغرب.
هي رسالة إلى موسكو بأن الناتو مستعد، وإلى كييف بأن الغرب لم يتراجع، وإلى الشعوب الأوروبية بأن الأمن الجماعي لا يزال أولوية رغم الكلفة الاقتصادية والسياسية.

ومع اشتداد هذا السباق بين الردع والتخويف، يبدو أن العالم يعود تدريجياً إلى معادلة مألوفة: سلام هش تحرسه الصواريخ، واستقرار مؤقت تؤمنه المناورات.

إعلان
شارك هذا الخبر
اترك تقييما

اترك تقييما

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Exit mobile version