إنجلترا ، بريطانيا – كشفت بيانات صادرة عن مؤسسة “UK Finance” المتخصصة في الشؤون المالية أن المملكة المتحدة تواجه موجة متصاعدة وخطيرة من عمليات الاحتيال المصرفي عبر الإنترنت، حيث تمكن المجرمون الإلكترونيون من سرقة أكثر من 629 مليون جنيه إسترليني من البريطانيين خلال النصف الأول من عام 2025.
وأظهر تقرير الاحتيال نصف السنوي أن البنوك والمؤسسات المالية في البلاد سجلت أكثر من 2.09 مليون حالة احتيال بين شهري يناير ويونيو، بزيادة بلغت 17% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. ورغم ارتفاع عدد الحالات بشكل كبير، سجلت الخسائر المالية الكلية زيادة أقل حدة بنسبة 3%.
الإنترنت مصدر الهجمات.. واستعادة 98% من أموال الضحايا
أكد التقرير أن الفضاء الرقمي هو نقطة الانطلاق الرئيسية لهذه الهجمات، حيث نشأت 66% من عمليات الاحتيال المرتبطة بالدفع المباشر – التي يتم فيها خداع الضحايا لتحويل الأموال بأنفسهم – عبر الإنترنت، بينما جاءت 17% منها من خلال شبكات الاتصالات.
وعلى الجانب الإيجابي، أشارت البيانات إلى نجاح المقرضين في منع نحو 870 مليون جنيه إسترليني من عمليات الاحتيال المحتملة بفضل الأنظمة الأمنية المعززة، بزيادة 20% عن النصف الأول من عام 2024. كما أظهرت بيانات وزارة المالية أن 98% من ضحايا الاحتيال غير المصرّح به نجحوا في استعادة أموالهم بالكامل.
دعوة لتحميل شركات التكنولوجيا والاتصالات المسؤولية
اعتبر بن دونالدسون، المدير الإداري للجرائم الاقتصادية في “UK Finance”، أن الاحتيال “لا يزال يمثل تهديدًا كبيرًا لمجتمعنا واقتصادنا”، مشيرًا إلى أن المجرمين “يطورون أساليبهم باستمرار لسرقة الأموال”.
وأضاف دونالدسون أن معظم عمليات الاحتيال تبدأ خارج النظام المصرفي، سواء عبر الإنترنت أو الهاتف، وأن حجم التهديد يتجاوز حاليًا مستوى استثمار الحكومة في مكافحته. ودعا إلى تحميل قطاعات التكنولوجيا والاتصالات مسؤولية أكبر ضمن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الاحتيال، مؤكداً ضرورة التعاون بين هذه القطاعات والحكومة للحد من الخسائر وحماية المستهلكين.
قفزة مقلقة في الاحتيال الاستثماري
رغم تراجع عام في خسائر بعض أنواع الاحتيال غير المصرّح به، مثل احتيال الشيكات (-41%) والخدمات المصرفية عن بُعد (-24%)، سجل التقرير قفزة مقلقة في عمليات الاحتيال في الدفع المباشر، حيث ارتفعت الخسائر بنسبة 12% لتصل إلى 257.5 مليون جنيه إسترليني.
وكان الدافع الرئيسي لهذا الارتفاع هو الاحتيال الاستثماري، الذي قفزت خسائره بنسبة 55% لتصل إلى 97.7 مليون جنيه إسترليني. وتستهدف هذه العمليات عادةً مبالغ أكبر وتستغرق وقتًا أطول لاكتشافها.
وتكشف الأرقام بوضوح أن بريطانيا تواجه تصاعدًا خطيرًا في الجرائم المالية الرقمية، ما يفرض ضرورة ملحّة للعمل المشترك بين مختلف القطاعات لمواجهة التهديدات المتطورة للمحتالين.



