القاهرة، مصر – في خطوة لافتة تحمل أبعاداً سياسية ودبلوماسية معقدة، عقد الرئيس الأميركي دونالد ترامب اجتماعاً موسعاً في البيت الأبيض مع قادة عدد من الدول العربية والإسلامية. حيث طرح مبادرة جديدة لإنهاء الحرب في غزة في محاولة لرسم ملامح المرحلة المقبلة بعد القتال الدامي الذي شهدته المنطقة.
حضور عربي ـ إسلامي واسع
شارك في الاجتماع قادة الإمارات، مصر، السعودية، قطر، الأردن، تركيا، باكستان، وإندونيسيا. وهي دول تمثل ثِقلاً إقليمياً ودولياً في أي معادلة سياسية تخص القضية الفلسطينية.
اختيار هذه الدول يعكس رغبة واشنطن في إشراك أطراف قادرة على تمويل إعادة الإعمار والمساهمة في ترتيبات أمنية. إلى جانب دورها في التأثير على مجريات المشهد الإقليمي.
ملامح المبادرة: انسحاب وقوة عربية مشتركة
تشير التسريبات إلى أن المبادرة الأميركية تقوم على عدة محاور رئيسية:
وقف الحرب والإفراج عن الرهائن الإسرائيليين
انسحاب إسرائيلي تدريجي من القطاع مع ضمانات أمنية
استبعاد حركة حماس من أي ترتيبات سياسية أو أمنية تخص المرحلة الانتقالية
تشكيل قوة عربية ـ إسلامية مشتركة تتولى حفظ الاستقرار وتأمين عملية الانسحاب
إطلاق برنامج دولي لإعادة الإعمار وتقديم مساعدات عاجلة لسكان غزة
غزة بين إعادة الإعمار وإعادة الترتيب
المبادرة لم تقتصر على الجانب الإنساني أو إعادة الإعمار. بل حملت في طياتها تصوراً لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي بعيداً عن حماس، التي استُبعدت بشكل واضح من المشاركة في المرحلة المقبلة.
وهذا يعكس أن الخطة لا تتوقف عند حدود وقف إطلاق النار. بل تمتد إلى إعادة صياغة المشهد السياسي الفلسطيني وفق رؤية أميركية ـ عربية قد تفتح الباب لسلطة بديلة أو موازية للسلطة القائمة في رام الله.
ضغوط دولية وحسابات انتخابية
انعقاد الاجتماع جاء في ظل تصاعد الضغوط الدولية لإنهاء الحرب، بعدما وصفت الأمم المتحدة الأزمة في غزة بأنها “الأخطر في تاريخ الصراع”. ويرى مراقبون أن ترامب سعى من خلال هذا التحرك إلى تعزيز صورته كصانع صفقات دولية. وذلك في وقت يشهد فيه الداخل الأميركي جدلاً انتخابياً محتدماً.
تناقضات في الموقف الأميركي
تثير مبادرة ترامب تساؤلات حول التناقض في موقفه. فمن جهة لطالما قدّم نفسه كحليف استراتيجي لإسرائيل، وأكد دعمه غير المشروط لسياساتها الأمنية والعسكرية. ومن جهة أخرى يجلس اليوم مع قادة عرب ومسلمين ليطرح رؤية لإنهاء الحرب وتخفيف معاناة الفلسطينيين.
هذا التناقض يعكس محاولة الموازنة بين التزامات واشنطن التقليدية تجاه إسرائيل وبين الضغوط الدولية والإقليمية. هذه الضغوط تفرض على الولايات المتحدة البحث عن صيغة تحفظ مصالحها وتخفف من الاحتقان المتصاعد في المنطقة.
فرص النجاح والتحديات
رغم ما قد تحمله الخطة من وعود، فإنها تواجه عقبات كبرى:
الموقف الإسرائيلي: تل أبيب قد ترفض انسحاباً مشروطاً يحد من قدرتها العسكرية داخل القطاع
الرفض الفلسطيني: استبعاد حماس قد يعمّق الانقسام الداخلي ويؤدي إلى صراع حول الشرعية
الموقف الإقليمي: بعض الدول العربية قد تتحفظ على فكرة نشر قواتها داخل غزة خشية التورط في صراع طويل ومعقد
خلاصة المشهد
يمثل اجتماع البيت الأبيض محاولة أميركية جديدة للإمساك بخيوط ملف غزة عبر مزيج من الترتيبات الإنسانية والسياسية والأمنية. لكن نجاح المبادرة يبقى رهناً بمدى استعداد الأطراف المعنية لتقديم تنازلات صعبة. كما يعتمد على قدرتها على تجاوز خلافاتها من أجل الوصول إلى تسوية قابلة للاستمرار.