القاهرة، مصر – تتواصل المأساة الإنسانية في غزة، حيث يواجه الفلسطينيون إبادة ممنهجة تحت القصف والحصار، فيما يكتفي العالم بالصمت والعجز، رغم المناشدات الصريحة التي صدرت عن القادة العرب والمسلمين في قمة الدوحة الأخيرة.
مناشدة عربية في الدوحة
القمة العربية الإسلامية الطارئة التي انعقدت في الدوحة شكّلت صرخة في وجه المجتمع الدولي. البيان الختامي أدان العدوان على غزة وعلى قطر، واعتبره تهديدًا مباشرًا للأمن الإقليمي، كما دعا إلى فرض عقوبات وتعليق العلاقات ومراجعة عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة. ومع ذلك، بقيت القرارات في إطار الكلمات دون خطوات عملية توقف نزيف الدم.
أرقام دامية
الأرض وحدها تتحدث بلغة الأرقام. أكثر من 64 ألف شهيد سقطوا منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، معظمهم من النساء والأطفال. آلاف الجرحى يعانون وسط انهيار شبه كامل للمنظومة الصحية، فيما تحولت المدارس والمستشفيات إلى ركام أو ملاجئ مكتظة. وخلال الأيام الأخيرة فقط، دمّر القصف أكثر من 30 مبنى سكنيًا، لتزداد أعداد النازحين الذين يعيشون بلا مأوى أو غذاء أو دواء.
مواقف الدول الكبرى
في ظل هذا النزيف المستمر، جاءت مواقف القوى الدولية متباينة. الولايات المتحدة اكتفت بتكرار الحديث عن “حق الدفاع عن النفس”، ورفضت أي خطوات حاسمة لوقف إطلاق النار. أوروبا بدت منقسمة؛ دول مثل فرنسا وألمانيا تمسكت بلهجة دبلوماسية حذرة، بينما طالبت إسبانيا وإيرلندا بوقف فوري للعمليات العسكرية وفتح ممرات إنسانية عاجلة. روسيا من جانبها اتهمت الغرب بازدواجية المعايير ودعت إلى تدخل دولي يفرض الحماية للمدنيين، فيما أبدت الصين دعمها لجهود عربية وإسلامية لإنهاء العدوان والتوصل إلى تسوية عادلة.
الموقف العربي والإقليمي
على المستوى العربي، أظهرت مصر حرصًا واضحًا على وقف إطلاق النار وفتح معبر رفح أمام المساعدات، لكنها اصطدمت بتعقيدات ميدانية وسياسية عطلت وصول الإغاثة بشكل كافٍ. دول الخليج، وعلى رأسها السعودية وقطر، شددت على ضرورة التحرك الدولي العاجل ورفعت سقف المطالبات بمحاسبة المسؤولين عن الجرائم، فيما أرسلت الإمارات مساعدات إنسانية ضخمة إلى القطاع. الأردن من جانبه واصل الدعوة إلى حماية المقدسات ووقف الانتهاكات. ورغم هذا الزخم في الخطاب، تبقى الخطوات العملية أقل بكثير من حجم المأساة.
صمت دولي وصمود فلسطيني
المجتمع الدولي يكتفي ببيانات الإدانة، فيما تُجهض مشاريع القرارات في مجلس الأمن بالفيتو المتكرر. وعلى الجانب الآخر، يصرّ الفلسطينيون على الصمود. كل بيت يهدم يولّد ألف بيت في الذاكرة الوطنية، وكل شهيد يترك خلفه ألف مقاوم. غزة تواصل كتابة تاريخها بالدم، لتظل عنوانًا للكرامة والتحدي.
رسالة مفتوحة المجازر في غزة لم تعد شأنًا فلسطينيًا خالصًا، بل جرحًا مفتوحًا في الضمير العربي والدولي. إذا كان العرب قد اجتمعوا في الدوحة ليعلنوا إدانتهم، فإن العالم كله مطالب اليوم بالتحرك. فالكلمات لا توقف نزيف الدم، والقرارات لا تعني شيئًا ما لم تُترجم إلى فعل على الأرض.