عدن ، اليمن – أكد المحلل السياسي الجنوبي هاني مسهور أن الجنوب لا يمر بلحظة خصومة مع اليمن. بل يعيش مرحلة نضج سياسي واعتراف شجاع بتشكل مسارين مختلفين. ولكل منهما منطقته وزمنه وأولوياته.
وقال مسهور، في تغريدة على منصة إكس، إن ما يجري ليس قطيعة بقدر ما هو إنهاء لوهم استُهلك طويلًا. وشدد على أن فك الارتباط ليس غضبًا أو كراهية. بل هو خلاصة واقعية لتجربة طويلة واحترام صريح لإرادة الشعوب.
وأضاف أن الجنوب لا يهرب من اليمن ولا يتبرأ من جواره، ولا ينقض تاريخًا مشتركًا بكل ما فيه من ألم وتجربة. لكنه بلغ مرحلة واضحة يعرف فيها ماذا يريد وما لم يعد ممكنًا الاستمرار فيه. وأشار إلى أن الدولة ليست عاطفة، والسياسة لا تُدار بالأمنيات. وأن الفصل المنظم أصدق من وحدة تُدار بالقسر أو بالإنكار.
وأكد مسهور أن الجنوب لا يغلق باب الحوار، بل يعيد تعريفه. مضيفًا: “يمضي إلى مستقبله بهدوء الواثق لا بضجيج المنتصر. تاركًا للتاريخ أن يقول كلمته الأخيرة بأن التسامي أحيانًا يكون في الافتراق باحترام. حتى لا يستمر التصادم إلى الأبد”.
من منظور استراتيجي، أوضح مسهور أن إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي عملية الحسم لمكافحة الإرهاب في أبين مرتبط بالسياق التأسيسي للمجلس منذ إعلان تأسيسه في يوليو 2017. وأشار إلى أن البيان الختامي لاجتماعات هيئة رئاسة المجلس في عدن رسم بوضوح معالم المشروع الجنوبي. وركز البيان على حظر الجماعات والتنظيمات المتطرفة وتجفيف البيئات الحاضنة للإرهاب. بالإضافة إلى ربط أمن الجنوب بالأمن الإقليمي والدولي.
وأضاف أن ما يجري اليوم في أبين يأتي بعد تهيئة المسرح الاستراتيجي. أولًا عبر إنهاء نفوذ الإخوان من وادي حضرموت والمهرة. وبهذا يتم تفكيك الغطاء السياسي واللوجستي الذي شكّل لعقود أحد أخطر مداخل الاختراق الأمني. وثانيًا عبر الانتقال إلى مرحلة الضبط الصلب في المحافظات التي استُخدمت تاريخيًا كمناطق رخوة لنشاط القاعدة والتنظيمات المتطرفة.
وأكد أن عملية الحسم ليست قرارًا تكتيكيًا. بل هي حلقة متقدمة في استراتيجية متدرجة تقوم على مبدأ واضح: لا دولة جنوبية مستقرة دون سيادة أمنية كاملة. وأيضًا، لا سيادة أمنية مع وجود جماعات عابرة للحدود أو تنظيمات مؤدلجة.
واختتم مسهور بالقول إن المجلس الانتقالي ينفّذ اليوم ما التزم به منذ 2017. مؤكّدًا أن “الجنوب لن يكون ساحة مفتوحة للإرهاب، ولا ورقة توظيف في صراعات الآخرين”. وأن ما يجري في أبين هو اختبار عملي لعقيدة الدولة. كما أن دولة تبدأ بتجفيف الإرهاب، وتقدّم الأمن بوصفه أساس الشرعية لا نتيجة لها.


