قنديل ، العراق – في قلب جبال قنديل الوعرة، وعلى طرق ضيّقة بالكاد تتّسع لشاحنة قديمة، يتقدّم مقاتلو حزب العمال الكردستاني داخل شبكة أنفاق معقّدة. هنا تدور واحدة من أكثر الجبهات غموضًا في الصراع المستمر بين الحزب وأنقرة.
داخل هذه الأنفاق، التي حُفرت في عمق الجبال لأغراض قتالية ولوجستية، يعيش المقاتلون تحت ضغط يومي من الضربات الجوية التركية. تتولى فرق متخصصة مراقبة الأوضاع الصحية لعناصرها في ظروف قاسية تفتقر لأبسط متطلبات الحياة.
وتشير شهادات ميدانية إلى أن بعض المقاتلين باتوا يقضون أيامهم داخل الممرات الصخرية. هم يتنقّلون بين نقاط المراقبة ومواقع الإيواء الضيقة. بينما تُستخدم أجهزة اتصال معلّقة على الأشجار لإبلاغ القيادات بأي تحركات جوية أو عمليات عسكرية مفاجئة.
ورغم الحرب التي تبدو بلا نهاية، يؤكد الأطباء المتطوعون الذين يتمكنون من الوصول لهذه المناطق أنهم يقومون بإجراء فحوصات محدودة للمقاتلين. بعضها يهدف لمراقبة تأثير العيش الطويل في الأنفاق على الصحة الجسدية والنفسية. وخصوصًا وسط تزايد التقارير عن إرهاق شديد ونقص في التغذية.
وتعتبر أنقرة أن وجود حزب العمال الكردستاني في شمال العراق تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي. فيما يصرّ الحزب على مواصلة القتال من داخل الجبال التي تحوّلت إلى شبكة عسكرية معقّدة. الأمر الذي يجعل أي تسوية سياسية بعيدة المنال في الوقت الراهن.
ومع استمرار العمليات العسكرية التركية وتصاعد الضغط على مواقع الحزب، تبقى الأنفاق شاهدًا على حرب تدور بعيدًا عن الأضواء… حرب لا يراها العالم إلا عندما تظهر صورها من عمق الجبال.


