باماكو، مالي-تعيش مالي منذ أسابيع أزمة وقود حادة وغير مسبوقة، أدت إلى شلل شبه كامل في العاصمة باماكو وعدد من المدن الكبرى،
وذلك بعدما فرضت جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” المرتبطة بتنظيم القاعدة حصارًا على طرق إمدادات الوقود في وسط البلاد وشمالها.
وأدت هذه التطورات إلى اضطرابات أمنية واقتصادية متصاعدة،
حيث أشعل مسلحون النار في صهاريج نفط مخصصة لتزويد العاصمة، في حادث جديد يُظهر تصاعد العنف واستهداف البنية التحتية الحيوية للدولة.
شلل تام وارتفاع قياسي للأسعار
على مدى الأيام الماضية، امتدت طوابير السيارات لمسافات طويلة أمام محطات الوقود القليلة التي ما زالت تعمل،
بينما ارتفعت أسعار البنزين في السوق السوداء إلى أكثر من ثلاثة أضعاف،
ما فاقم معاناة السكان وأثار موجة غضب واسعة ضد السلطات.
كما تسببت الأزمة في انقطاعات متكررة للتيار الكهربائي تجاوزت عشر ساعات يوميًا،
وهذا ما أجبر العديد من المؤسسات التجارية والمستشفيات والمخابز على إغلاق أبوابها أو تقليص نشاطها بشكل كبير.
وقال أحد سكان باماكو لوسائل الإعلام المحلية: “بحثت طوال اليوم ولم أجد محطة وقود واحدة مفتوحة،
حتى الدراجات النارية توقفت عن الحركة”، فيما وصف آخر الوضع بأنه “حالة هلع جماعي تهدد بانفجار اجتماعي وشيك”.
الجيش المالي يتدخل والجماعات تهدد
في محاولة للسيطرة على الوضع، نشر الجيش المالي قوات لتأمين قوافل صهاريج الوقود القادمة من الموانئ الساحلية،
إلا أن جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” توعدت باستهداف أي شاحنة ترافقها القوات الحكومية، ما جعل عملية الإمداد محفوفة بالمخاطر.
ويرى مراقبون أن هذه الهجمات تهدف إلى إضعاف الحكومة الانتقالية وإجبارها على التفاوض مع الجماعات المسلحة،
والتي تسيطر فعليًا على مناطق واسعة من وسط وشمال البلاد رغم العمليات العسكرية المشتركة مع قوات فاغنر الروسية.
تداعيات خطيرة على الأمن والاستقرار
يُجمع المحللون على أن حادثة إشعال النار في صهاريج النفط تمثل تصعيدًا خطيرًا في المشهد الأمني،
إذ تستهدف الجماعات المسلحة هذه المرة شريان الحياة الاقتصادي للبلاد،
وهذا في محاولة لفرض سيطرتها وخلق واقع جديد يربك الحكومة ويزيد الضغط الشعبي.
ومن المتوقع أن تتسع تداعيات الأزمة لتشمل قطاعات النقل والطاقة والصحة، ما لم يتم التوصل إلى حلول عاجلة
تضمن استئناف الإمدادات وتأمين الطرق الرئيسية بين باماكو والمناطق الجنوبية والشرقية.