بعد عامين من الصراع الذي هزّ استقرار الشرق الأوسط، أعلنت الأطراف المتحاربة في غزة عن وقف شامل لإطلاق النار،
- هدنة برعاية أمريكية – مصرية تعيد خريطة الشرق الأوسط إلى الواجهة
- قمة شرم الشيخ.. من هدنة ميدانية إلى مشروع سلام دائم
- الأزمة الإنسانية.. أرقام موجعة وواقع يحتاج إلى معجزة
- إعادة إعمار غزة.. بين السياسة والاقتصاد
- المستقبل السياسي.. غموض متعمد ومواقف متباينة
- السعودية واتفاقيات أبراهام.. مفاتيح المرحلة المقبلة
- الخلاصة: نهاية حرب وبداية امتحان للسلام
وهذا عقب الإفراج عن آخر الأسرى الإسرائيليين الأحياء مقابل صفقة لتبادل الأسرى الفلسطينيين.
وجاء الإعلان متزامنًا مع قمة دولية في شرم الشيخ جمعت قادة من الشرق الأوسط وأوروبا ،
بدعوة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في محاولة لرسم ملامح المرحلة التالية لما بعد الحرب.
هدنة برعاية أمريكية – مصرية تعيد خريطة الشرق الأوسط إلى الواجهة
أعلن الرئيس الأمريكي ترامب انتهاء الحرب مؤكدًا أن “السماء صافية، والمدافع صامتة،
وصفارات الإنذار توقفت، والشمس تشرق على أرض مقدسة تنعم أخيرًا بالسلام”.
وجاء الاتفاق بوساطة الولايات المتحدة ومصر وقطر وتركيا، في خطوة وُصفت بأنها الأعقد منذ اندلاع المواجهات في أكتوبر 2023.
وأكد الجيش الإسرائيلي تسليم جميع الأسرى العشرين الأحياء، بينما رأت الأمم المتحدة في الاتفاق تحولًا مفصليًا في مسار الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي،
واعتبرته تمهيدًا لبداية عملية سياسية جديدة في المنطقة.
قمة شرم الشيخ.. من هدنة ميدانية إلى مشروع سلام دائم
في منتجع شرم الشيخ المصري، استضاف الرئيس السيسي ونظيره الأمريكي ترامب أكثر من عشرين من قادة العالم
خلال قمة السلام المستدام التي هدفت إلى تحويل الهدنة إلى اتفاق راسخ يضمن استقرار غزة والمنطقة.
وفي افتتاح القمة، وقع ترامب إلى جانب قادة مصر وقطر وتركيا وثيقة ترحب باتفاق وقف النار وتتعهد بعمل جماعي لترسيخ هذا الإنجاز وحمايته.
وقال الرئيس السيسي في كلمته الافتتاحية: “نأمل أن يسهم هذا الاتفاق في إغلاق فصل مؤلم من تاريخ الإنسانية ،
وفتح الباب أمام حقبة جديدة من السلام والاستقرار في الشرق الأوسط”.
وأكد أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق العدالة والسلام الدائم،
حيث يعتبر أن أي تسوية لا تُعيد للشعب الفلسطيني حقوقه لن تصمد طويلًا.
كما أن إسرائيل أو حماس لم يشارك أيا منهما رسميًا في القمة، إلا أن اللقاءات الجانبية شملت الرئيس الفلسطيني محمود عباس،
الذي أعرب عن رغبة السلطة الفلسطينية في استعادة دورها في إدارة غزة رغم الاعتراضات الإسرائيلية.

الأزمة الإنسانية.. أرقام موجعة وواقع يحتاج إلى معجزة
أتاح الاتفاق انسحابًا جزئيًا للقوات الإسرائيلية، مما مكن آلاف الفلسطينيين من العودة إلى ما تبقى من منازلهم.
ووفقًا للسلطات الصحية في غزة، أسفر الصراع عن مقتل نحو 68 ألف شخص وتشريد قرابة 90% من السكان.
ودعت الأمم المتحدة إلى زيادة تدفق المساعدات الإنسانية إلى مستويات غير مسبوقة، إذ يُتوقع دخول 600 شاحنة يوميًا عبر معابر رفح وكرم أبو سالم وإيرز.
وقال منسق المساعدات الأممي توم فليتشر: “الاحتياجات في غزة تفوق كل التقديرات..
نحن بحاجة إلى جهد دولي هائل لإعادة الحياة إلى هذا الشريط المنكوب”.
وأعلنت إيطاليا استئناف دورياتها الأمنية عند معبر رفح، فيما أكد الاتحاد الأوروبي استعداده لتخصيص تمويل عاجل لدعم جهود الإغاثة وإعادة الإعمار.
إعادة إعمار غزة.. بين السياسة والاقتصاد
الكلفة الأولية لإعادة إعمار القطاع يمكن أن تصل إلي نحو 20 مليار دولار، في مشروع يرى فيه الخبراء أنه عمل سياسي قبل أن يكون إنسانيًا.
وتقوم الخطة على نظام ضمان مزدوج يشمل:
الضامنين السياسيين: مصر، قطر، تركيا، والأردن، لضمان الاستقرار السياسي.
الضامنين الماليين: دول الخليج والاتحاد الأوروبي، لتأمين التمويل والدعم اللوجستي.
كما حذر محللون من أن غياب رؤية استراتيجية واضحة لإعادة الإعمار قد يُعيد الأزمة إلى نقطة الصفر،
خاصة إذا لم تترافق الجهود الإنسانية مع مسار سياسي جاد يضمن الحقوق ويمنع تجدد الصراع.
المستقبل السياسي.. غموض متعمد ومواقف متباينة
تجنب ترامب الخوض في تفاصيل حل الدولتين مكتفيًا بالقول: “لسنا نتحدث عن دولة أو دولتين، نحن نتحدث عن إعادة إعمار غزة”.
ويعكس هذا الموقف تردد الإدارة الأمريكية في تبني رؤية واضحة تجاه الدولة الفلسطينية،
وهذا رغم تأييد غالبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم.
كما يثير هذا الغموض تساؤلات حول مستقبل التسوية السياسية، خاصة في ظل تمسك إسرائيل بموقفها الرافض لأي كيان فلسطيني مستقل.

السعودية واتفاقيات أبراهام.. مفاتيح المرحلة المقبلة
من المقرر أن يزور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان واشنطن الشهر المقبل ،
وهذا لبحث ملفات التعاون الاقتصادي والدفاعي، وسط توقعات بأن تتصدر القضية الفلسطينية أجندة المباحثات.
ويرى مراقبون أن الرياض هي مفتاح التوازن الإقليمي الجديد، وأن موقفها من عملية السلام سيحدد مصير اتفاقيات أبراهام
تلك التي يحاول ترامب إحيائها عبر ضم مزيد من الدول العربية إلى مسار التطبيع.
لكن السعودية تواصل تمسكها بموقفها الثابت: لا تطبيع قبل قيام دولة فلسطينية مستقلة.
فيما يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مأزقًا سياسيًا داخليًا،
قد يُنهي طموحه في تحقيق هذا الاختراق الدبلوماسي التاريخي، تاركًا المشهد مفتوحًا أمام خلفائه المحتملين.
الخلاصة: نهاية حرب وبداية امتحان للسلام
تبدو قمة شرم الشيخ أكثر من مجرد لقاء سياسي؛ إنها نقطة فاصلة بين زمن الحرب وزمن البحث عن سلام حقيقي.
هذا في الوقت الذي تتنفس غزة فيه الصعداء بعد سنوات من الدم والدمار، تبقى الأسئلة الكبرى معلقة: هل يصمد وقف النار أمام رياح الخلافات القديمة؟،
وهل تنجح الدبلوماسية في تحويل الهدنة إلى سلام دائم يعيد الأمل إلى شعوب المنطقة؟
الإجابة،
كما يقول المراقبون، رهن بصدق الإرادة السياسية واستمرار الجهد المصري والدولي لتثبيت ما تحقق على الأرض.