مدغشقر – أعلن جيش مدغشقر، صباح الثلاثاء، توليه رسميا إدارة شؤون السلطة في البلاد، عقب فرار الرئيس أندريه راجولينا إلى الخارج،
وهذا بعد أسابيع من احتجاجات شبابية تصاعدت بعد انضمام وحدة عسكرية نخبوية إلى صفوف المتظاهرين.
وقال العقيد مايكل راندريانيرينا، الذي صرح عبر إذاعة مدغشقر: “لقد استولينا على السلطة حفاظا على استقرار البلاد”،
معلنا حل كافة المؤسسات الحكومية، مع استثناء مجلس النواب الذي صوت في جلسة طارئة على عزل الرئيس راجولينا قبل لحظات من فراره.
راجولينا: “غادرت حفاظا على حياتي”
في وقت متأخر من مساء الاثنين، بث الرئيس راجولينا خطابا مسجلا عبر صفحة الرئاسة الرسمية على فيسبوك،
قال فيه إنه غادر البلاد خوفا على حياته بعد ما وصفه بـ”تمرد عسكري”،
مؤكدا أنه اضطر إلى “البحث عن مكان آمن” لحماية نفسه، لكنه لم يعلن استقالته رسميا.
وأشار إلى أن محاولة سابقة لبث الخطاب عبر التلفزيون الوطني فشلت،
بعد أن حاول جنود السيطرة على مباني هيئة الإذاعة الرسمية، ما اضطر الرئاسة إلى نشر التسجيل على وسائل التواصل الاجتماعي فقط.
“جيل زد” في الواجهة
تعد هذه التطورات تتويجا لأسابيع من الاحتجاجات التي قادها شباب من “جيل زد”،
طالبوا بإصلاحات سياسية ورحيل رموز السلطة، وسط تصاعد الغضب الشعبي من التدهور الاقتصادي وتزايد معدلات البطالة والفساد.
وحدث التحول الأبرز حين أعلنت وحدة “كابسـات” العسكرية النخبوية انحيازها للمحتجين،
ودعت علنا إلى رحيل الرئيس ووزرائه، ما اعتبره راجولينا في خطابه “محاولة غير قانونية للاستيلاء على الحكم”.
البرلمان يصوت على العزل والجيش يمسك بالسلطة
رغم إعلان جيش مدغشقر حل معظم مؤسسات الدولة، قرر الإبقاء على مجلس النواب، الذي أعلن بدوره عزل الرئيس راجولينا،
ما يمنح شرعية شكلية لتحركات الجيش، في وقت لم يعلن فيه بعد عن خارطة طريق أو مدة للمرحلة الانتقالية.
وأكد العقيد راندريانيرينا أن الجيش لا يهدف إلى البقاء في السلطة إلى الأبد،
بل يسعى إلى إعادة الاستقرار وتنظيم عملية انتقال سلمي للسلطة، لكنه لم يحدد جدولا زمنيا لذلك.
مستقبل غامض
ويرى مراقبون أن الأحداث الجارية تنذر بموجة جديدة من عدم الاستقرار السياسي، ما قد يهدد التحول الديمقراطي الهش في البلاد،
وسط تحذيرات من أن يتحول استيلاء الجيش إلى نموذج طويل الأمد من الحكم العسكري، ما لم تجر انتخابات أو يعلن عن حكومة انتقالية.
تعيش مدغشقر اليوم لحظة فارقة في تاريخها السياسي الحديث، حيث تداخلت مطالب التغيير الشعبي مع تحركات الجيش في مشهد معقد.
وبين فرار رئيس لم يستقل رسميا، وبرلمان صوت على عزله، وجيش يعلن تولي السلطة،
تبدو البلاد أمام منعطف مصيري قد يرسم مستقبلها السياسي لسنوات قادمة.