الإمارات-تستعد دولة الإمارات العربية المتحدة للاحتفال بيوم الاتحاد الذي يتوافق مع ديسمبر من كل عام، ليتذكر الجميع إرث المؤسس صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه،
واهتماماته المتعددة بكل مجالات الحياة، ومنها البيئة.
المناخ والاحتباس الحراري
ففي وقت لم تكن فيه قضايا المناخ والاحتباس الحراري محور اهتمام عالمي كما هي اليوم،
كان صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة طيب الله ثراه،
سباقًا في طرح الرؤية البيئية المتكاملة التي تربط بين الإنسان والطبيعة،
إدراكًا منه بأن البيئة هي أساس استدامة التنمية ورفاه الشعوب.
لقد جسّد الشيخ زايد نموذجًا فريدًا للقائد الذي جمع بين الوعي البيئي العميق والعمل التطبيقي لحماية الأرض والإنسان.
رجل البيئة الأول
منذ بدايات تأسيس الاتحاد، أولى الشيخ زايد رحمه الله قضية البيئة اهتمامًا استثنائيًا،
فقاد بنفسه حملات التشجير الواسعة التي غيرت وجه الصحراء القاحلة،
وزرع ملايين الأشجار في مختلف أنحاء الدولة، حتى لقب بـ”رجل البيئة الأول”.
كان يرى أن الزراعة ليست مجرد إنتاج غذاء،
بل وسيلة لإحياء الأرض وإعمارها، وقد قال في إحدى كلماته: “أعطوني زراعة أضمن لكم حضارة”.
لم يتوقف اهتمام سمو الشيخ زايد رحمه الله عند الزراعة،
بل امتد إلى حماية الحياة البرية وإنشاء المحميات الطبيعية التي أصبحت اليوم من أهم معالم الإمارات البيئية.
فأسس محمية الوثبة للأراضي الرطبة، ومحمية جزيرة صير بني ياس،
وغيرها من المحميات التي ساهمت في حماية أنواع نادرة من الحيوانات والطيور،
مثل المها العربي الذي أنقذته الإمارات من حافة الانقراض.
جائزة دولية للبيئة
وفي خطوة رائدة عربياً ودولياً، أطلق الشيخ زايد “جائزة زايد الدولية للبيئة” عام 1993،
وهذا لتكريم الجهود المتميزة في حماية البيئة على مستوى العالم،
وتأكيد مكانة الإمارات كمركز دولي لنشر الوعي البيئي.
هذه المبادرة كانت بمثابة إعلان مبكر بأن القيادة الإماراتية تدرك
منذ عقود خطورة التغير المناخي وضرورة العمل الجماعي لحماية الكوكب.
كما حرص الشيخ زايد على دمج مفاهيم الاستدامة والتوازن البيئي في التخطيط العمراني والزراعي،
وأوصى بأن تكون التنمية في الإمارات صديقة للبيئة،
متوازنة بين الحداثة والحفاظ على الموارد الطبيعية.
هذه الرؤية تمثل اليوم الأساس الذي قامت عليه سياسات الإمارات الحديثة في مجال الطاقة النظيفة والتغير المناخي،
والتي امتدت إلى مبادرات عالمية مثل “مصدر” و“الحياد الصفري”.
رائد الوعي البيئي العربي
تُعد تجربة الشيخ زايد علامة فارقة في التاريخ العربي المعاصر،
فقد سبق العالم في إدراك العلاقة بين الإنسان والطبيعة،
وتحدث مبكرًا عن “المناخ” وضرورة التكيّف مع بيئة الصحراء دون الإضرار بها.
بينما كانت الأمم تتجادل حول أولويات الصناعة،
كان زايد يُرسّخ ثقافة الوعي البيئي في التعليم، والإعلام، والمجتمع.
واليوم، بعد مرور أكثر من خمسة عقود على تأسيس الاتحاد، تستمر الإمارات في السير على نهجه،
وهذا من خلال استضافة مؤتمرات المناخ،
ودعم مشروعات الطاقة المتجددة، وحملات التشجير العالمية.
هكذا يظل إرث الشيخ زايد البيئي مصدر إلهام للأجيال الجديدة،
ورسالة خالدة بأن حماية البيئة ليست خيارًا، بل واجب وطني وإنساني.


