أبوظبي، الإمارات-تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة ترسيخ مكانتها كإحدى أبرز الدول الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي،
وهذا من خلال استراتيجية وطنية طموحة تهدف إلى دمج التقنية في مختلف القطاعات الصناعية والصحية والخدمية،
بما يعزز التنمية المستدامة ويقلّل الاعتماد على النفط.
استراتيجية وطنية ورؤية استباقية
وضعت الإمارات مبكراً استراتيجية شاملة للذكاء الاصطناعي تسعى من خلالها إلى تحويل الدولة إلى مركز عالمي لتطوير وتطبيق هذه التكنولوجيا،
مع التركيز على بناء الكفاءات الوطنية وتطوير البنية التحتية الرقمية.
ومن أبرز المشروعات في هذا السياق «Stargate UAE»، الذي يُتوقع أن يكون واحداً من أضخم مراكز البيانات المخصصة للذكاء الاصطناعي في المنطقة،
والمقرر بدء تشغيله في أبوظبي عام 2026، بدعم من شراكات عالمية كبرى.

التحول الصناعي الذكي
في القطاع الصناعي، بات الذكاء الاصطناعي أداة أساسية في رفع الكفاءة الإنتاجية وتحسين إدارة الموارد.
وتستخدم شركات التكنولوجيا الإماراتية، مثل «G42»، حلولاً متقدمة في تحليل البيانات وأتمتة العمليات اللوجستية،
وهذا بما يتيح للشركات الصناعية التنبؤ بالأعطال، وتحسين كفاءة الطاقة، وتقليل التكاليف التشغيلية.
كما تسهم تقنيات التحليل التنبؤي وإدارة الشبكات الذكية في تطوير قطاع الطاقة،
وتعزيز التحول نحو الصناعة 4.0 التي تعتمد على البيانات والأنظمة الذكية.

ثورة في قطاع الصحة
أما في القطاع الصحي، فتقود الإمارات تحولاً نوعياً في خدمات الرعاية الطبية،
وهذا من خلال اعتماد أنظمة ذكاء اصطناعي قادرة على تحليل الصور الطبية والتنبؤ بالأمراض مبكراً.
وتعمل مستشفيات الدولة على توظيف المساعدات الافتراضية (Chatbots) لتنظيم المواعيد وخدمة المرضى،
فيما تقوم منصة «EHS Intelligence» التابعة لخدمات الإمارات الصحية بربط البيانات الطبية،
وتحليلها عبر الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالأوبئة وتوزيع الموارد بشكل أكثر كفاءة.
هذه التطورات جعلت الإمارات من أوائل الدول في المنطقة التي توظّف الذكاء الاصطناعي في الطب الوقائي، والرعاية الذكية، والجراحة الروبوتية.

فرص وتحديات المستقبل
ورغم التقدّم الكبير، تواجه تطبيقات الذكاء الاصطناعي تحديات متعلقة بحوكمة البيانات ونقص الكفاءات المتخصصة،
إلى جانب الحاجة لتشريعات أخلاقية تنظّم استخدام التقنية في المجالات الحساسة.
لكن في المقابل، تبرز فرص ضخمة للنمو مع توسع الاستثمارات في هذا القطاع،
وازدياد الطلب على الحلول الذكية في مجالات الطاقة والنقل والصحة.
ويرى خبراء أن الإمارات مؤهلة لتكون مركزاً إقليمياً لتصدير حلول الذكاء الاصطناعي،
خاصة في ظل حضور شركات عالمية مثل «NVIDIA» و«Microsoft» واستثمارها في مشاريع ضخمة داخل الدولة.
الذكاء الاصطناعي.. رافعة للمئوية المقبلة
يشكّل الذكاء الاصطناعي اليوم محوراً رئيسياً في «رؤية الإمارات 2031»،
والتي تهدف إلى جعل الدولة نموذجاً في التحول الرقمي والاقتصاد المعرفي.
في المقابل، ومع تسارع المشاريع الصناعية والصحية المدعومة بالذكاء الاصطناعي،
تبدو الإمارات ماضية بثبات نحو مستقبل أكثر ذكاءً واستدامة،
حيث تتحول التقنية من مجرد أداة إلى قوة محركة للتنمية والابتكار.