لندن، بريطانيا-أعلنت وزارة الداخلية البريطانية بالتعاون مع وزارة الخارجية، اليوم (الثلاثاء)، إزالة هيئة تحرير الشام (HTS) من قائمة التنظيمات الإرهابية المحظورة في المملكة المتحدة،
وهذا تمهيدًا لمرحلة جديدة من الانخراط الدبلوماسي مع الحكومة السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع،
والذي تولّى الحكم بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر الماضي.
وقالت الحكومة البريطانية، في بيان رسمي، إن هذا القرار يأتي ضمن مراجعة شاملة للواقع السوري الجديد،
مشيرةً إلى أن رفع اسم “تحرير الشام” يهدف إلى دعم أولويات لندن في ملفات مكافحة الإرهاب، والهجرة، وتدمير الأسلحة الكيماوية.
جذور الجماعةتعود جذور “هيئة تحرير الشام” إلى عام 2012 حين تأسست باسم “جبهة النصرة”،
كفرع لتنظيم القاعدة في سوريا بقيادة أبو محمد الجولاني،
والذي انشقّ لاحقًا عن القاعدة وأعلن تشكيل “تحرير الشام” عام 2017،
في محاولة لتقديم نفسه كقوة سورية محلية ذات أجندة وطنية وليست عابرة للحدود.
ومنذ ذلك الحين، سيطرت الحركة على مساحات واسعة في شمال غرب سوريا، ضخاصة محافظة إدلب،
وأقامت ما يُعرف بـ«حكومة الإنقاذ» كذراع مدني لإدارة المناطق الخاضعة لها.
ورغم محاولاتها لتغيير صورتها وتبني خطاب معتدل، ظلت على قوائم الإرهاب،
وهذا في كلٍّ من الولايات المتحدة، وبريطانيا، والأمم المتحدة، حتى نهاية عام 2025.
ومع سقوط نظام الأسد وتشكيل حكومة انتقالية جديدة بقيادة الشرع – أحد قيادات المعارضة المنشقين سابقًا –
تغيّر الموقف الدولي تجاه الحركة التي لعبت دورًا عسكريًا وسياسيًا في إسقاط النظام.
تحوّل الموقف البريطاني
القرار البريطاني جاء بعد مشاورات موسعة بين الأجهزة الأمنية و”مجموعة مراجعة الحظر” الحكومية،
والتي رأت أن «الواقع الميداني والسياسي تغيّر جذريًا»،
وأن هيئة تحرير الشام أصبحت جزءًا من السلطة الشرعية الجديدة في سوريا، لا تهديدًا مباشراً للمملكة المتحدة.
وأضاف البيان أن «التحرير من الحظر» يتيح لبريطانيا تعزيز التعاون مع الحكومة السورية الجديدة،
وهذا في ملف مكافحة تنظيم “داعش”، والحد من مخاطر الإرهاب والهجرة غير الشرعية،
فضلًا عن دعم الجهود الرامية لتدمير الأسلحة الكيماوية التي تركها النظام السابق.
توافق بريطاني أمريكي
يأتي القرار البريطاني بعد أشهر من خطوة مماثلة للولايات المتحدة،
والتي رفعت “تحرير الشام” من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية مطلع هذا العام،
في إشارة إلى تنسيق غربي متزايد لدعم الاستقرار في سوريا ما بعد الأسد.وأكد البيان البريطاني أن أي قرار لرفع الحظر «لا يُتخذ بخفة»،
موضحًا أنه «قابل للمراجعة في حال ظهور تهديدات جديدة»، وأن سلامة وأمن المواطنين البريطانيين تظل الأولوية القصوى.
يُعدّ هذا التحول البريطاني نقطة فاصلة في علاقة الغرب مع “تحرير الشام”،
والتي انتقلت من تنظيم مصنَّف إرهابيًا إلى فاعل سياسي رئيسي في مرحلة ما بعد الحرب السورية.
ويرى مراقبون أن القرار يحمل في طيّاته اعترافًا واقعيًا بشرعية الأمر الواقع في الشمال السوري،
ويعكس رغبة غربية في إعادة هندسة التوازنات الإقليمية بعيدًا عن نفوذ إيران وروسيا.