طهران، إيران-أثارت وفاة ثلاث نساء في سجن قرچك الإيراني خلال الأسابيع الماضية، بسبب نقص الرعاية الطبية، موجة من الإدانة الحقوقية والدولية،
حيث وصفت منظمة هيومن رايتس ووتش السجن بأنه “أحد أسوأ السجون سمعة في إيران”.
وأكدت أن ما يجري فيه يعد انتهاكا صارخا لحق السجناء في الحياة.
الوفيات التي وقعت بين 15 سبتمبر و25 أكتوبر شملت كلا من سودابه أسدي وجميلة عزيزي، الموقوفتين على خلفية قضايا مالية،
وسمية رشيدي، وهي سجينة سياسية تبلغ من العمر 42 عاما، كانت تعاني من الصرع المزمن دون أن تحصل على العلاج اللازم،
وهذا رغم تنبيهات متكررة من ذويها وزملائها السجناء.
حرمان متعمد من الرعاية
في بيان صدر، قالت هيومن رايتس ووتش إن السلطات الإيرانية متورطة بشكل مباشر في هذه الوفيات عبر الحرمان المتعمد من الرعاية الطبية،
ووصفت ما يجري في سجن قرچك بأنه جزء من “سياسة طويلة الأمد” لإسكات الأصوات المعارضة من خلال الإهمال الطبي كسلاح قمع.
قال مايكل بيج، نائب مدير قسم الشرق الأوسط في المنظمة:”أصبحت السجون في إيران،
وخاصة سجن قرچك، أماكن للتعذيب والموت،
حيث يتم تجاهل كرامة السجناء وحقوقهم الأساسية بشكل منهجي.
ما يحدث هناك ليس فشلا في النظام الصحي، بل سياسة ممنهجة لإسكات المعارضين وإذلالهم”.
تفاصيل الحالة المأساوية لسمية رشيدي
كانت سمية رشيدي معتقلة بتهم “الدعاية ضد النظام” و”الانتماء إلى منظمة مجاهدي خلق”، لكنها لم تحاكم حتى وفاتها.
وقال 150 سجينا سياسيا سابقا في بيان مشترك إن سمية كانت تعاني من نوبات متكررة داخل السجن،
لكن إدارة سجن قرچك ومراكز الصحة التابعة له تجاهلت حالتها تماما.
سجن قرچك.. بيئة لا إنسانية
وصفت هيومن رايتس ووتش سجن قرچك، المعروف أيضا باسم سجن شهر ري للنساء،
بأنه “نموذج للظروف اللاإنسانية في السجون الإيرانية”.
وقالت المنظمة إن هذا السجن يشهد اكتظاظا حادا، سوء تغذية ونظافة،
ونقصا شديدا في الخدمات الطبية، وتهميشا للسجينات السياسيات والمعارضات.
وأشارت إلى أن هذه الانتهاكات دفعت العديد من السجينات إلى الإضراب عن الطعام،
وهذا في محاولة يائسة لجذب الانتباه إلى معاناتهن المستمرة.
صمت رسمي.. وإنكار دائم
في الوقت الذي تتوالى فيه التقارير الحقوقية، تواصل السلطات الإيرانية نفيها القاطع لهذه الانتهاكات،
مدعية أن ظروف الاحتجاز تتماشى مع المعايير الدولية.
إلا أن الواقع، وفقا لشهادات موثقة وتقارير أممية سابقة، يؤكد أن الإهمال الطبي أصبح أداة عقاب سياسي داخل السجون الإيرانية.
دعوات لتحقيق دولي
طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش بفتح تحقيق دولي شفاف في هذه الوفيات،
ومحاسبة المسؤولين عنها، محذرة من تكرار سيناريوهات مشابهة في سجون أخرى،
خاصة مع تزايد أعداد المعتقلين السياسيين، بمن فيهم النساء والناشطون والحقوقيون.
وختم البيان بأن قواعد مانديلا الأممية لمعاملة السجناء توجب على الدول توفير رعاية صحية كاملة ومتكافئة للسجناء،
مؤكدة أن ما يحصل في إيران هو انتهاك خطير لهذه القواعد.